رواية كاملة بقلم عدي زايد
غير أوانه و تقعد تقضي معايا أكبر وقت و أنت بتوعد ابننا على إنك هتبقى احلى أب و هاتبطل عصبية عشان مايطلعش زيك عصبي و توصي عليا و تقول لأبننا إن...
بترت حديثها ثم نظرت له و هي تقول بإبتسامة واسعة من بين دموعها
أنا بقيت بقول ابننا يا أدهم ! أنا حامل و هبقى أم
لم يعقب على حديثها الذي لم تمل منه اليوم و الذي على ما يبدو أنها لن تنتهي منه حتى ينتهي الحمل نفسه لتبدأ مرحلة جديدة من حياتها .
كانت واقفة تنظر لصورتها المنعكسة في المرآة
تتحسس باطنها و هي تقول بإحباط
هي بطني مش راضية تكبر ليه ! مع إن بأكل كتير !!
رد أدهم و قال بنبرة وهو يعقد رابطة عنقه و قال
يا روحي أنت لسه في بداية التالت و لسه قدام شوية متستعجليش بكرا بطنك تكبر و تبقي شبه الكورة
زفرت ما برائتيها و قالت
إمتى بقى بجد إمتى!
متقلقيش يا روحي قريب إن شاء الله يلا باي بقى عشان اتأخرت
ردت بتذكر قائلة
هات أكل معاك عشان مش هعمل أكل
وضعت يدها على باطنها و قالت بإبتسامة واسعة
حامل بقى
القى قبلة في الهواء و هو يؤمى برأسه علامة الموافقة فهو ليس لديه أي حلا آخر لقد فرغت هالة طاقة العشر سنوات من الحرمان دفعة واحدة لم يكل و لن يمل و لكن أن تمنتع عن حقوق الشرعية خوفا على حملها هذا أكثر ما أزعجه حقا خلال الفترة الماضية بعد أن قرأت نصف المقالات التي كتبت عن الحمل
بعد مرور يومان
كانت في مكتبه تجذبه
من يده تجاه سرير الكشف و تقول برجاء
خليك جدع بقى يا دومي
رد أدهم و قال بتعب و إرهاق
دومك تعبان و هلكان و أنت يا هالة لسه عاملة سونار امبارح و كدا غلط يا رحي المفروض كل أسبوعين و في الشهور الأخيرة مرة في الأسبوع أنت بقى غير الناس عاوزة كل يوم !
عاوزة أشوف ابننا يا دومي و اسمع النبض تاني
رفعت عويناته الطبية ولكنه قرر أن يعكس دفة الحوار و هو يجبرها على الخروج من غرفة المكتب و قال
تعالي بقى لما احكي لك زمان كانوا بيطمنوا على البيبي ازاي قبل ما يخترعوا السونار اللي واكلة دماغي بي .
دفعها برفق للخارج رغم تذمرها لكنه نجح في مغادرة العيادة منذ أن علمت بأنها تحمل داخل أحشائها طفلين و ليس طفلا واحدا
بعد مرور أشهر الحمل كاملة على خير
وضعت هالة توأمها أنثى و ذكر اسمتهما
كارما و كرم جلس أدهم على حافة الفراش يطالعهما بأعين مليئة بالفرحة و السعادةثم قال
بس كارما صغنونة قوي كدا ليه !
ردت والدة هالة قائلة بإبتسامة واسعة
الحمد لله إنها قامت بالسلامة الصغير بكرا يكبر يتربوا في عزك يا حبيبي
هما شبه مين يا أدهم!
شبهك يا روحي
رد إبراهيم و هو يحمل صغيره الثاني الذي تجاوز العام بأشهر قليلة
شبه مين يا عم دا أنا أختي أحلى دول شبهك أنت يا أدهم
ردت ليالي و قالت بإبتسامة واسعة وهي تلكزه كتفه قائلة
لا ياحبيبي اخويا أحلى
ردت والدة هالة و قالت بنبرة ساخرة
دلوقتي اخوكي بقى أحلى ماهو كان بيقول على ولادك البدع وكان بينك و بينه مصانع الحداد و مستحلفة له تردي حق ولادك يوم هالة ما تولد !
ردت ليالي بجدية مصطنعة
لا يا يا طنط ماهو اخويا بردو و مبحبش أبدا يقول عنه كلمة وحشة
ضحك إبراهيم و قال بسخرية
اللي بتقلك أخوها دي اخوها اشترى سكوتها بعربية و قطر لسه نازلين جداد لعيالها ووعدها بفانوس رمضان ليها قبل عيالها ف تلاقيها في النفاق مش كدا
ضحك الجميع على كلمات إبراهيم بينما عبست ليالي بملامحها و هي تنظر لزوجها الذي حاوط كتفها ضامها إليه و قال بجدية مصطنعة
بس يا عيال دي لولو العسل كله ومتعرفش تنافق
رفعت هالة بصرها لزوجها و قالت
هما حلوين يا أدهم
رد أدهم وهو يحملهما و قال بإبتسامة واسعة
حلوين وحشين كفاية إنهم منك.
اغروقت عيناها بالدموع و هي تنظر إليهم ابتسم لهما و قالت بنبرة مرتشعة إثر البكاء
اللهم لك الحمد كما ينبغي لجلال وجهك و عظيم سلطانك وعدك حق يارب.
بعد مرور عام كامل
كانت هالة جالسة مع أولادها في غرفة الألعاب خاصتهم تلهو و تشاركهما معظم اوقاتهما في اللعب حتى الآن لم يرأهم أحدا من الأصدقاء و المعارف تخشى أن تصيبهما العين و تقهر هي فيها لم يمانع أدهم علي تعليماتها الصارمة
بالأحرى لا يقو أن يفعلها من الأساس كان صغيرها يبعد عن شقيقته ليعرف ان يستمتع بالعابه بعيدا عنها بينما كانت الصغيرة تتذمر
من أفعاله تلك بدأت المشاجرة بينهما كالعادة
حتى تتدخلت هالة لفض الڼزاع قائلة بجدية
كارما كدا غلط دا أخوكي حبيبك يلا العب....
قاطعها صوت رنين المنزل تعجبت و هي تنظر لساعة الحائط تمتمت و هي تسأل حالها بخفوت
غريبة دا مش معاد رجوع أدهم !
تابعت بتحذير لأولادها قائلة
العبوا هنا و محدش يعمل صوت خالص ماشي
خرجت من غرفتهما متجه نحو باب الشقة
نظرت من العين السحرية وجدت أخيها و زوجته و أولاده فتحت و الإبتسامة تزين ثغرها قائلة
حبايبي الحلوين وحشتوني
اختفت الإبتسامة من على ثغر أخيها و قال
طب قولي إني وحشتك معاهم عشان مراتي متقعدش تذل فيا في الرايحة و الجاية
تجاوزها و هو يلج غرفة الالعاب مع أولاده و قال
جهزوا الغدا عشان جعان
ما إن فتح باب الغرفة دوى صياح الأطفال ليندمج معهم إبراهيم و كأنه طفلا نزع عنه معطف حلته و رفع أكمام قميصه الأبيض ليبدأ معركة جديدة مع العاب الجديدة ابتاعها لهما
على الجانب الآخر من نفس الشقة
كانت ليالي تقطع الخضروات و هي تعاتب هالة قائلة
ملكيش حق بردو يا هالة هو يعني أدهم هايحسد عياله دا حتى أبوهم ماينفعش كدا يا روحي مش كل ما يقول حاجة عنهم تكسفي
ردت هالة قائلة
مش قصدي و الله يا ليالي بس أنت متعرفيش أنا ببقى مړعوپة عليهم ازاي أنا نفسي بخاف عليهم من عيني
يا حبيبتي سيبك من الكلام دا و سيبها على الله هو الحارس
و نعم بالله
تابعت بتذكر قائلة
صحيح جبتي الهدية اللي قلت لك عليها عشان أدهم !
اه يا حبيبتي جبتها
تابعت هالة بنبرة حزينة
تعرفي يا ياليالي أنا مقصرة في
حق أدهم قوي و مع ذلك هو ماشتكاش أنا حاسة بي بس هعمل إيه بس أنا وقتي كله مع الولاد
ردت ليالي و قالت
رتبي وقتك عندك أنا مثلا لما لاقيت إن شغلي هايجي على مسؤولية ولادي أخدت إجازة طويلة و لما حصلت مشاكل كبيرة بين عمي و أدهم و طرد اخويا قمت قدمت استقالتي و قلت الشغل اللي يجي علي اخويا وولادي مش عاوزاه جه اخوكي بعدها أجر لي شقة عشان اعملها عيادة من حاولي شهرين
لاقيت نفسي بهمل في إبراهيم وولادي عشان ابني العيادة ولادي بيتعبوا وأنا مش جنبهم
ردت هالة قائلة بعتاب
اخس عليكي يا ليالي وهو أنا ولا ماما كنا بنقصر معاهم و لا حتى إبراهيم !
نظرت ليالي لها و قالت بهدوء
يا حبيبتي محدش فيكم قصر و أنا مقولتش دا بس عيالي يتعبوا و أنا موجودة يبقى مستحقش أبقى أم يا هالة .
في المساء
بعد أن غادر إبراهيم و عائلته و غفى الأطفال في سبات عميق جلس أدهم يحتسي قدح القهوة في هدوء تام كان يتابع التلفاز بإهتنام شديد رغم خفض صوته بناء على تعليمات هالة خرجت من غرفتها في كامل زينتها
و لأول مرة منذ قترة طويلة حاول تجاهل هذا الجمال لكن بحركاتها و غنجها نجحت و بجدارة في هزمه جلست جواره و قالت بخفوت
هو أنت مش المفروض عندك شغل بكرا !
رد يإبتسامة سمجة وقال
لا بكرا الجمعة
ابتسمت له و قالت بنغج بالغ
طب بما إن النهاردا الخميس و بكرا الجمعة مبيفكرش بحاجة !
رد بنفس الإبتسامة وقال
لا مبفكرش
طب افكر لك أنا
لا تفكيرك وحش
تنهدت بعصبية مفرطة و هي تقف عن الاريكة و قالت
طب على العموم بقى النهاردا عيد ميلادك و أنا كنت ناوية اعملك مفاجأة بس أنت طلعت متستاهلش و كل سنة و أنت طيب و عن أذنك
رد أدهم بجدية مصطنعة
و لازمتها إيه كل سنة و أنت طيب خديها يا مدام أنا مبحبش حد يتفضل عليا
وقف عن الأريكة و قال
و من غير عن أذنك ها
ولج حجرته و ما هي إلا ثوان معدودة و تبعته
احتضنته من الخلف و جميع عبارات الأسف التي تعرفها قالتها دفعة واحدة لاحت إبتسامة خفيفة على ثغره الټفت لها محاوطا خصرها بين ذراعيه بينما أعادت رأسها قليلا للخلف
همست من بين شفتيها قائلة بحنو و حب
كل سنة و أنت حبيبي
مال بوجهه على وجهها ارتوى من رحيق شفتاها الذي لا يرتوي منه أبدا نظر لها و قال بإبتسامة واسعة
و أنت دنيتي الحلوة و نور عيني
بعد مرور عدة سنوات من السعادة و الشقاء
تجمعت العائلة في يوم الجمعة من كل أسبوع
ما دام أدهم و عائلته هنا بمصر في الأوان الأخيرة قرر السفر إلى المانيا و الاستقرار هناك
بدلا من تحكمات عمه الذي لا يهدأ عنه أبدا .
ولجت كارما التي تجاوزت عامها العاشر بأيام معدودة هزت جسد خالها إبراهيم الذي للتو ارخى جفنيه الوحيدة من بين أفراد العائلة
التي لها هذا الحق حتى ليالي نفسها لا تملك هذا الحق وقفت أمامه و نير ان الغيظ تأكل قلبها من أفعال ابنه فتح جفنيه بتثاقل متسائلا بنبرة تملؤها النعاس
في إيه يا كوكي !
قوم شوف ابنك دي
اعتدل إبراهيم في جلسته و الإبتسامة تكشف عن نواجزه تسأل في جدية مصطنعة قائلا
ماله و مالك اللي مابيفهمش اللي اسمه أنس دا !
عاوزنا نروح شرم و أنا عاوزة أروح أسوان
حك إبراهيم مؤخرة رأسه و قال بجدية
و طبعا عاوزة حكم محكمة مش كدا
اه قوم يلا
بعد مرور دقائق
جلس إبراهيم على المقعدة و انقسمت الأحفاد العشرة إلى مجموعتين نظر أنس لأبيه الذي تجاوز الثانية عشر من عمره بأشهر قليلة و قال
كل واحد فينا هايقول أسبابه والدوافع اللي خلته عاوز يروح المكان بتاعه و بعدها يضدر حكم المحكمة بعد إجماع رأي الأغلبية زي ما متعودين
رد إبراهيم بتفهم و قال بجدية مصطنعة
مافيش مشكلة و أنا الحمد لله معروف بالنزاهة و الشفافية
رد أنس ساخرا من جملة أبيه
طبعا طبعا
وقف أنس يترافع و كأنه محام له عدة أعوام
ظلت جدته تمتم بالبسملة عليه و على لسانه الفصيح الذي