الأربعاء 27 نوفمبر 2024

ندوب الهوى

انت في الصفحة 41 من 85 صفحات

موقع أيام نيوز

أعدته مستشقا رائحة شهية للغاية 
ابتسم باستغراب وهو يدلف ثم جلس على مقعدة وأشار إلى الطعام قائلا
ايه كل الأكل ده جبتيه منين الحمام ده أصلا
جلست هي الأخرى على مقعدها بجواره ثم أجابته ببساطة وابتسامة واضحة
من ماما فهيمة لما كنت عندها ادتني جوز الحمام ده وشوية ملوخية وكمان فرخة بلدي
استرسلت حديثها والإبتسامة تتسع على محياها وهي تذكر ما قالته لها عنه
بتقول إنك بتحب الحمام
نظر إلى مظهر الطعام على الطاولة وكم بدا له شهيا ولذيذ وهو منذ الأمس لم يأكل شيء عاد ببصره إليها قائلا بمرح
هو أنا فعلا بحبه وبصراحة
شكله مغري أوي
ابتسمت له بحنان
وهدوء عفوي وهي تقول
بالهنا والشفا
مد يده وبدأ في الطعام بهدوء وهو يتحدث معها باهتمام قائلا
مكنتش أعرف إنك بتعرفي تطبخي حلو كده كنت مفكرك مش بتدخلي المطبخ أصلا
ضيقت ما بين حاجبيها بعفوية وأردفت تلقائيا وهي تمزح ضاحكة
ليه يعني على أيدي نقش الحنه أنا ماما معلماني كل حاجه
نظر إليها بقوة وهو يبعد الطعام عن فمه قائلا بانبهار وجدية شديدة
طعمه يهبل قربي طبق الملوخية ده كده
بعد أن تذوقها همهم بتلذذ عاليا تحت نظراتها الفرحة وكأنه لأول مرة يتذوق طعامها ولكن حقا هذا مختلف كل شيء منذ اعتراف أمس سيكون مختلف غمز إليها بعينيه الرمادية التي تلمع مع دخول أشعة الشمس عليها وهتف بنبرة ماكرة
مكدبتش لما قولت عليكي وحش طلعتي وحش في كل حاجه
رفعت حاجبها وتساءلت باستنكار لا يخلو من المرح وهي تعلم من الأصل في حديثه
لا يا شيخ
أومأ إليها وهو يضع الطعام في فمه
آه والله بأمانة
أكملت الطعام في هدوء وابتسامتها لم تختفي بعد ولكن أبعدت نظرها عنه استمعت إلى هاتفه يصدر صوت وصول مكالمة هاتفية في الخارج فأردفت وهي تقف
موبايلك بيرن
أمسك بيدها ليجذبها جاعلها تجلس مرة أخرى وقال دون اهتمام
كملي أكل وسيبك منه ده أكيد الواد سمير
أشارت بيدها إلى الخارج وما تقصده هو الهاتف وقالت هي باهتمام معاكس له
طب ما تشوف ماله يمكن في حاجه يا جاد
نفى حديثها وهو يأكل في هدوء دون الاكتراث لأمر هاتفه وابن عمه من الأساس
لأ مفيش حاجه بيأكد عليا أننا ننزل الچيم بالليل
زفرت بهدوء وأبعدت نظرها عنه وهي تكمل طعامها فتحدث بنبرة رجولية جادة يقترح عليها
أنا هنزل معاه بالليل لو حبيتي تروحي عند أمك روحي
أجابته بصوت جاد قائلة
لأ هذاكر شويه بدل ما أضيع وقت على الفاضي
أومأ إليها بهدوء وقد أيد فكرتها أكثر دقائق أخرى يأكلون بها ثم أنهى طعامه ووقف من على المقعد تاركا الطاولة ليغسل يده وتوجه لصنع الشاي لهما وهو في المطبخ 
صاح من المطبخ بصوت عال قائلا
هعمل شاي
صاحت هي الأخرى مقابلة له بصوتها العالي ليستمع إليها قائلة
مش عايزة
ثم وقفت على قدميها وجمعت كل ما على الطاولة من أطباق ووضعتها على تلك الصينية ونظفت المكان بمهارة في دقائق أخذت الصينية إلى المطبخ لتنظيف ما عليها من أطباق فخرج هو وبيده كوب من الشاي قائلا بجدية وهو يتوجه إلى الخارج
هشرب الشاي في البلكونة
أومأت إليه برأسها فخرج وبقيت هي في المطبخ تنظف الأطباق الذي كانوا يأكلون بها وتعيد ترتيب المطبخ مرة أخرى 
بقيت به ما يقارب الربع ساعة ثم ذهبت إلى الخارج لتمر على الصالة وجدته يجلس على الأريكة مستقيم في جلسته وبيده كتاب القرآن الكريم ينظر به بعينيه ويتمتم بشفتيه ما يقرأه ووجه خاشع ثابت بوضوح ابتسمت وهي تتقدم منه ثم جلست بجواره ومالت برأسها عليه لتنظر إلى ما يقرأ وجدتها سورة الكهف أعتدلت في جلستها وبقيت تنظر إليه بحب وراحة كبيرة اجتاحت جسدها وخلدها وهي تراه على هذه الوضعية وداخلها تقول أن الحمد لا يكفي على هذه النعمة الكبيرة من الله لقد وهبها شخص لن تجد مثله ولن يكون هناك مثله من الأساس ومهما حدث ومهما فعل يبقى جاد الله الذي حقا ېخاف الله وقبل فعل أي شيء يفكر به وبعواقبه ونتيجته 
دائما يبتغي رضاء الله عليه وعلى حياته ويرضي والديه ليرضا الله عليه يتقرب منه ويريدها أن تتقرب منه أكثر لتكن الدنيا بالنسبة إليهم جنة الأرض ومن بعدها يخلدون في جنة السماء 
ترك كتاب الله على الطاولة أمامه بعد أن تصدق واستدار برأسه ينظر إليها فابتسمت بحب وشغف كبير قابلته به قبل أي شيء وهي تعترف قائلة
أنا بحبك أوي يا جاد مستحيل تتخيل أنا بحبك قد ايه ومن امتى
وأنا بحبك أكتر يا روح جاد وبردو مستحيل تتخيلي من امتى
استغربته ونظرت إليه باستفهام متسائلة بوضوح وكلماتها ليست الوحيدة التي تتسائل
إزاي مش فاهمه! أنت بتحبني من زمان 
أغمض عينه اليسرى ومط شفتيه قائلا بمرح
أنت الأول يلا قولي بتحبيني من امتى بقى يا شقية
أخفضت وجهها إلى الأسفل وهي تبتسم وتتذكر هذه الذكرى البعيدة منذ عامين تقريبا رفعت
رأسها إلى الأعلى ونظرت إلى داخل عينيه بعمق وهي تقول
من يوم ما رجعتلي شنطتي اللي اتسرقت
ضيق ما بين حاجبيه وهتف سريعا باستنكار متذكرا ذلك اليوم جيدا الذي كان منذ عامان 
من سنتين 
أومأت إليه برأسها والابتسامة لا تفارق ثغرها الوردي مكملة بحب وعشق اخترق قلبها
آه من سنتين شوفت جاد أبو الدهب اللي حسيته فتى أحلامي يمكن كنت قدامي طول الوقت بس عمري ما فكرت فيك أو حتى في غيرك بس فجأة ومرة واحدة حسيت إني بحب جاد خطڤني وخطڤ قلبي مرة واحدة لقيتك الراجل اللي بتمناه شهم وجدع حنين وراجل ملو هدومك حبيت تفاصيلك وكل حاجه فيك بقيت كل يوم بحبك زيادة عن اليوم اللي قبله 
حرك جاد عينيه الرمادية عليها وهي تتحدث بكل هذا الشغف والحنين إلى ما
مضى وتلك اللمعة الغريبة والواضحة بعينيها كلما تحدثت
بس في نفس الوقت كنت بحاول إني أبعد وأحافظ على نفسي بخاف ربنا أوي يا جاد وكل ما كنت أفكر فيك ابقى كأني عملت ذنب كبير وبخاف أكتر لو مكنتش من نصيبك يبقى ذنب أكبر
ابتسمت بسخرية وتجعد جوار عينيها وهي تسترسل حديثها
كنت في كل صلاة ادعي تكون من نصيبي وأكون من نصيبك وأحيانا كنت بدعي إني أبطل أحبك 
قاطعها وهو يتسائل باستغراب لما قالته للتو
ليه 
ابتلعت ما بجوفها متحدثة بصدق وجدية وهي تنظر إلى عينيه التي يحق لها النظر وقتما شاءت
يعني زي مرة من المرات لما عرفت أنك هتخطب ولما كنت بحس أنك مش ليا كنت بدعي إن ربنا ينزع حبك من قلبي بس سبحان الله كان دايما بيزيد وكل يوم أحبك أكتر عارف كل الفترة اللي فاتت دي كان نفسي بس تأكدلي إنك بتحبني بكلمة واحدة كنت خاېفة تكون مجبور على الجواز مني وشوية أفرح وانسى وشوية مقدرش انسى
ابتسمت بسعادة غامرة وأصبح هناك غمامة دموع خلف جفنيها وهي تقول مكملة
لحد امبارح بس الكلمتين اللي قولتهم طلعوني السما أنا بحبك أوي يا جاد بحبك ومقدرش استغنى عنك أبدا مقدرش استغنى عن حنيتك وخۏفك عليا وغيرتك كمان
ابتسم باتساع عندما وجدها تقول آخر كلماتها بضجر واضح يا له من قدر مكتوب حقا منذ عامين وهي تفكر به وتحبه أيضا والإنسان يكتم ما يشعر به داخله ليظل الآخر يتعذب ويتعذب معه هو يقول إن هناك غيره وهي كذلك هو يقول أنها لا تريده وهي كذلك وشكوك داخل الرأس تولد وفي النهاية لا يريد غيرها وهي لا تريد غيره السبب الوحيد في ذلك هو الصمت والكتمان لو كان تحدث منذ البداية لكان عاش أسعد اللحظات معها ويستكملها الآن لا يبدأ 
سألته وهي تعتدل لتقابله بجدية وتريد أن تستمع إلى قصته معها هو الآخر
وأنت بقى 
ابتسم مبادلا إياها وأكثر ابتسامته كانت سخرية لأنها مهما حدث أحبها أولا ظل ممسكا بيدها بين كفه وتحدث بنبرة رجولية رخيمة تحبها كثيرا
قولتلك مستحيل تتخيلي من امتى
استغربت وداخلها تفكر أكان يحبها قبل أكثر من عامان لقد كانت صغيرة في هذا الوقت استكمل هو بوضوح
حبيت بنت الجيران من زمان أوي من لما كانت بتمشي والشنطة متعلقة على ضهرها متخيلة من لما كان صوتك طول النهار في الشارع عرفتي امتى
حركت رأسها يمينا ويسارا بخفة وهي حقا لا تدري على أي مرحلة يتحدث ومتى كان ذلك فابتسم أكثر وضغط على يدها بقوة واسترسل مكملا
أربع سنين وأنت لسه مدخلتيش أولى جامعة خطفتي قلبي وعقلي وروحي وكل حاجه كانت حية فيا جمالك ورقتك والأدب اللي كنت بشوفه منك خلاني مش شايف غيرك مش عارف حتى أحاول أشوف غيرك ډخلتي قلبي وقفلتي وراكي بالمفتاح ولحد النهاردة مطلعتيش ومش هتطلعي
أربع سنين يا جاد 
صوته الأجش أجابها بجدية وصدق
أربع سنين يا هدير أربع سنين وأنا بحبك وبتعذب بحبك وأنا بسمع كل يوم إن فيه عريس متقدملك وبحط ايدي على قلبي لتوافقي أربع سنين وأنا قلبي فيه ڼار لما مبقاش عارف أنت فين ولا مع مين أربع سنين بحاول أقرب منك وأرجع تاني استغفر ربنا وأقول إن ده حرام ولو حصل ربنا مش هيكرمني بيكي
حركت عينيها عليه ورأت الصدق بملامحه واستمعت إليه بحديثه ولكن السؤال في عقلها ارهقها أثناء ذلك الحديث
فقالت بجدية وتسائل والاستغراب أكثرهم داخلها
طب ليه محاولتش تتقدملي ولا مرة يا جاد ولا مرة! 
هذه المرة سيكذب أن يقول أن والده منعه عنها عندما أراد التحدث والبوح علاقتها بوالده جيدة للغاية وهو أيضا فهم أن تفكره كان خاطئ وتراجع عنه لذا لن يقول ما قاله ولن يقول أن الاعتراض من عنده من الأساس أردف بجدية يجيب على سؤالها
كنت لسه بردو يتعبر ببدأ حياتي كنت حابب أكون حد مناسب لما أجيلك بفلوسي مش فلوس الحج رشوان وسنة ورا سنة وأنا بعمل كده كنت بحاول أشوف أي مشاعر من ناحيتك ليا وعدوا أربع سنين وكل يوم بشوف حجه لنفسي علشان خاېف تكوني بتحبي حد تاني 
ابتسم بسخرية وهو يعلم أنه ېكذب ولكن لتكن الكذبة مقنعة أكثر
لدرجة إني كنت مستني لما تخلصي الكلية وتبقي البشمهندسة هدير بس الحج رشوان انقذني من الڠرق ونجاني
هل ېكذب لقد قال سابقا أنه كان سيخطبها وتحدث مع والده عن ذلك وما حدث من مسعد هو الذي جعل الأمر يأتي بهذه الطريقة تسائلت بخفوت
بس أنت قولت أنك كنت هتخطبني فعلا بس الموضوع اللي حصل خلاها تيجي بالطريقة دي
هز رأسه بتأكيد وهو يبتسم ابتسامة مصطنعة ليكمل حديثه بها
آه ده حقيقي يعني لما الحج قال إنه عايز يجوزني وكمان نقالي العروسة عرفته نيتي ناحيتك بس هو قال إن ليه نستنى طلما أنا موجود وأنت موجودة
ابتسمت له بسعادة وما يجول بخاطرها هو شيء واحد! كم هي محظوظة به وبوجوده جوارها
ومعها محظوظة بحبه وعشقه لها منذ ذلك الوقت الذي لم تكن تعرف عنه
40  41  42 

انت في الصفحة 41 من 85 صفحات